فصل: باب زَكَاةِ الْفِطْرِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ فِي الصَّيْدِ) أَيْ الْمَمْلُوكِ إذَا قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ نِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ أَوْ ثَمَرًا أَوْ حَبًّا) وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَوْ كَانَ الْعَرْضُ مِمَّا يَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ لَكَانَ أَعَمَّ وَاسْتَغْنَى عَنْ تَقْدِيرِ هَذَا مُغْنِي.
(قَوْلُهُ أَوْ ثَمَرًا أَوْ حَبًّا) أَيْ كَأَنْ اشْتَرَى لِلتِّجَارَةِ نَخْلًا مُثْمِرَةً أَوْ فَأَثْمَرَتْ أَوْ أَرْضًا مَزْرُوعَةً أَوْ فَزَرَعَهَا بِبَذْرِ التِّجَارَةِ سم وَعُبَابٌ.
(قَوْلُهُ أَوْ اشْتَرَى دَنَانِيرَ) لِيُتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ الْإِيعَابِ وَيَأْتِي مَا تَقَرَّرَ فِي الثَّمَرِ وَالْحَبِّ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ فِيمَا لَوْ كَانَ الْمَمْلُوكُ لِلتِّجَارَةِ نَقْدًا كَأَنْ اشْتَرَى لَهَا دَنَانِيرَ بِحِنْطَةٍ مَثَلًا بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى لَهَا أَوْ لِغَيْرِهَا نَقْدًا بِنَقْدٍ كَمَا يَفْعَلُهُ الصَّيَارِفَةُ فَإِنَّ الْحَوْلَ يَنْقَطِعُ بِذَلِكَ وَمِنْ ثَمَّ لَا زَكَاةَ عَلَى الصَّيَارِفَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ مَثَلًا) لَعَلَّهُ رَاجِعٌ لِلشِّرَاءِ وَالدَّنَانِيرِ أَيْضًا أَيْ فَمِثْلُ الشِّرَاءِ سَائِرُ الْمُعَاوَضَاتِ وَمِثْلُ الدَّنَانِيرِ الدَّرَاهِمُ وَمِثْلُ الْحِنْطَةِ بَقِيَّةُ الْعُرُوضِ.
(قَوْلُهُ كَتِسْعٍ وَثَلَاثِينَ إلَخْ) أَيْ وَكَتِسْعَةَ عَشَرَ مِنْ الدَّنَانِيرِ قِيمَتُهَا مِائَتَانِ وَكَعِشْرِينَ مِنْهَا قِيمَتُهَا دُونَ الْمِائَتَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ ابْنِ النَّقِيبِ أَيْ وَغَالِبُ نَقْدِ الْبَلَدِ الدَّرَاهِمُ.
(قَوْلُهُ أَوْ كَمُلَ نِصَابُهُمَا) أَيْ كَأَرْبَعِينَ شَاةً قِيمَتُهَا مِائَتَا دِرْهَمٍ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ وَاتَّفَقَ إلَخْ) الْأَوْلَى حَذْفُ الْوَاوِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَزَكَاةُ الْعَيْنِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَيْ وَالْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا تَجْتَمِعُ الزَّكَاتَانِ وَلَا خِلَافَ فِيهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فَلَوْ كَانَ مَعَ مَا فِيهِ زَكَاةُ عَيْنٍ مَا لَا زَكَاةَ فِي عَيْنِهِ كَأَنْ اشْتَرَى شَجَرًا لِلتِّجَارَةِ فَبَدَا قَبْلَ حَوْلِهِ صَلَاحُ ثَمَرِهِ وَجَبَ مَعَ تَقْدِيمِ زَكَاةِ الْعَيْنِ عَنْ الثَّمَرِ وَزَكَاةُ الشَّجَرِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ. اهـ.
وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ كَغَيْرِهِ فَبَدَا قَبْلَ حَوْلِهِ إلَخْ مَا لَوْ تَمَّ حَوْلُ التِّجَارَةِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَيُخْرِجُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ زَكَاةَ الْجَمِيعِ لِلتِّجَارَةِ وَحِينَئِذٍ فَإِذَا بَدَا الصَّلَاحُ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ وَلَوْ بِيَوْمٍ وَجَبَتْ حِينَئِذٍ- كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ- زَكَاةُ الْعَيْنِ فِي الثَّمَرِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم قَالَ ع ش وَعَلَيْهِ فَقَدْ يُقَالُ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي الثَّمَرِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَلْزَمُهُ اجْتِمَاعُ الزَّكَاتَيْنِ فِي مَالٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ زَكَّى الثَّمَرَ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ لِدُخُولِهَا فِي التَّقْوِيمِ وَزَكَّى عَنْهَا بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَتَكَرَّرَ فِيهِ زَكَاتُهُمَا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا اخْتَلَفَ الْوَقْتُ وَالْجِهَةُ نَزَلَ مَنْزِلَةَ مَالَيْنِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِذَا أَخْرَجَ زَكَاةَ الْعَيْنِ فِي الثَّمَرِ وَالْحَبِّ إلَخْ) أَيْ فِيمَا إذَا بَدَا صَلَاحُ الثَّمَرِ وَاشْتِدَادُ الْحَبِّ قَبْلَ حَوْلِ التِّجَارَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ تَمَّ نِصَابُ كُلٍّ مِنْهُمَا فَإِنْ تَمَّ نِصَابُ الْعَيْنِ دُونَ الشَّجَرِ وَالْأَرْضِ فَهَلْ يُسْقِطُ زَكَاتَهُمَا لِعَدَمِ تَمَامِ نِصَابِهِمَا أَوْ يَضُمُّ الشَّجَرَ إلَى الثَّمَرِ وَالْأَرْضَ إلَى الْحَبِّ وَيُقَوِّمُ الْجَمِيعَ وَيُخْرِجُ زَكَاتَهُ وَتَسْقُطُ زَكَاةُ الْعَيْنِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِهِمْ وُجُوبَ زَكَاةِ الْعَيْنِ إذَا تَمَّ نِصَابُهَا الْأَوَّلُ لِعَدَمِ تَمَامِ النِّصَابِ ع ش.
أَقُولُ: وَيُصَرِّحُ بِالْأَوَّلِ قَوْلُ الشَّارِحِ إنْ بَلَغَتْ نِصَابًا إلَخْ وَمَا نَذْكُرُ فِي حَاشِيَتِهِ مِنْ عِبَارَةِ الْعُبَابِ وَشَرْحِهِ.
(قَوْلُهُ لَمْ تَسْقُطْ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَيَنْعَقِدُ الْحَوْلُ لِلتِّجَارَةِ عَلَى الثَّمَرِ مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي يُخْرِجُ زَكَاتَهُ فِيهِ بَعْدَ الْجِدَادِ لَا مِنْ وَقْتِ الْإِدْرَاكِ وَتَجِبُ زَكَاةُ التِّجَارَةِ فِيهِ أَبَدًا أَيْ فِي الْأَحْوَالِ الْآتِيَةِ. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْحَوْلِ الثَّانِي عَلَى الشَّجَرِ مِنْ وَقْتِ التَّمَكُّنِ مِنْ الْإِخْرَاجِ عَقِبَ تَمَامِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ وَذَلِكَ قَدْ يَتَأَخَّرُ عَنْ وَقْتِ إخْرَاجِ زَكَاةِ الثَّمَرِ فَيَخْتَلِفُ حَوْلَاهُمَا سم.
(قَوْلُهُ فِي قِيمَةِ عُرُوضِهَا) أَيْ التِّجَارَةِ.
(قَوْلُهُ إذْ لَا يُضَمُّ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ بَلَغَتْ إلَخْ وَهُوَ مَا لَوْ لَمْ تَبْلُغْهُ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ الْعُبَابِ وَشَرْحِهِ وَلَا يَسْقُطُ بِإِخْرَاجِ الْعُشْرِ زَكَاةُ التِّجَارَةِ لِلْجُذُوعِ وَالتِّبْنِ وَالْأَرْضِ لَكِنْ إذَا نَقَصَتْ قِيمَةُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ عَنْ النِّصَابِ لَمْ يَكْمُلْ بِقِيمَةِ الثَّمَرَةِ أَوْ الْحَبِّ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى زَكَاتَهُمَا وَلِاخْتِلَافِ حُكْمِهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ. اهـ.
(قَوْلُهُ إذْ لَا يُضَمُّ لِقِيمَةِ الثَّمَرِ إلَخْ) هَلْ هَذَا بِالنَّظَرِ لِحَوْلِ الثَّمَرِ وَالْحَبِّ الْأَوَّلِ لِأَدَاءِ الزَّكَاةِ فِيهِ فِيهِمَا زَكَاةَ عَيْنٍ لَا فِيمَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ زَكَاتَهُمَا فِيهِ زَكَاةُ تِجَارَةٍ حَتَّى لَوْ نَقَصَتْ قِيمَةُ عُرُوضِ التِّجَارَةِ الْمَذْكُورَةِ آخِرَ حَوْلِهَا عَنْ النِّصَابِ وَبَلَغَتْ بِقِيمَةِ الثَّمَرِ وَالْحَبِّ نِصَابًا زَكَّى الْجَمِيعَ لِحَوْلِ الثَّمَرِ وَالْحَبِّ الثَّانِي الَّذِي ابْتِدَاؤُهُ مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي يُخْرِجُ فِيهِ زَكَاتَهُ بَعْدَ الْجِدَادِ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى عَنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ سم.
أَقُولُ: وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ أَنَّهُ يُزَكِّي فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ الْجَمِيعَ لِحَوْلِ التِّجَارَةِ الثَّانِي إذَا لَمْ تَبْلُغْ قِيمَةُ الثَّمَرِ أَوْ الْحَبِّ نِصَابًا أَيْضًا وَإِلَّا فَيُزَكِّي كُلًّا مِنْهُمَا لِحَوْلِهِ الثَّانِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ) أَيْ السَّوْمَ.
(قَوْلُهُ مِمَّا مَرَّ) أَيْ آنِفًا بِقَوْلِهِ وَإِذَا أَخْرَجَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ زَكَاةَ التِّجَارَةِ إلَخْ) أَيْ فِي قِيمَةِ الْعُرُوضِ لَا الْعَيْنِ كَمَا مَرَّ كُرْدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش وَلَيْسَ فِيهِ وُجُوبُ زَكَاتَيْنِ؛ لِأَنَّ مَا وَجَبَ فِي الثَّمَرِ مُتَعَلِّقٌ بِعَيْنِهِ وَيُخْرَجُ مِنْهُ وَمَا وَجَبَ فِي الشَّجَرَةِ مُتَعَلِّقٌ بِقِيمَتِهِ خَالِيًا عَنْ الثَّمَرِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَمَا مَضَى مِنْ السَّوْمِ فِي بَقِيَّةِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ) زَادَ الرَّوْضُ عَقِبَ هَذَا فَإِذَا اتَّفَقَ الْحَوْلَانِ وَاشْتَرَى بِهَا عَرْضًا أَيْ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا اسْتَأْنَفَ الْحَوْلَ مِنْ حِينِ شِرَائِهِ فَلَوْ حَدَثَ نَقْصٌ فِي نِصَابِ السَّائِمَةِ أَيْ حَيْثُ غَلَّبْنَاهُ انْتَقَلَ إلَى التِّجَارَةِ وَاسْتَأْنَفَ الْحَوْلَ فَلَوْ حَدَثَ نِتَاجٌ لَمْ يَنْتَقِلْ أَيْ إلَى زَكَاةِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ الْحَوْلَ انْعَقَدَ لِلتِّجَارَةِ انْتَهَى. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ بَلْ بِالْقِسْمَةِ) إلَى الْبَابِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ فَوَاضِحٌ) أَيْ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْعَامِلِ ع ش.
(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ عَلَى ذَلِكَ الضَّعِيفِ (خَاتِمَةٌ) يَصِحُّ بَيْعُ عَرْضِ التِّجَارَةِ قَبْلَ إخْرَاجِ زَكَاتِهِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ وُجُوبِهَا أَوْ بَاعَهُ بِعَرْضِ قِنْيَةٍ؛ لِأَنَّ مُتَعَلِّقَ زَكَاتِهِ الْقِيمَةُ وَهِيَ لَا تَفُوتُ بِالْبَيْعِ وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا لِتِجَارَةٍ أَوْ وَهَبَهُ فَكَبَيْعِ الْمَاشِيَةِ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا؛ لِأَنَّهُمَا يُبْطِلَانِ مُتَعَلِّقَ زَكَاةِ التِّجَارَةِ كَمَا أَنَّ الْبَيْعَ يُبْطِلُ مُتَعَلِّقَ زَكَاةِ الْعَيْنِ.
وَكَذَا لَوْ جَعَلَهُ صَدَاقًا أَوْ صُلْحًا عَنْ دَمٍ أَوْ نَحْوِهِمَا؛ لِأَنَّ مُقَابِلَهُ لَيْسَ بِمَالٍ فَإِنْ بَاعَهُ مُحَابَاةً فَقَدْرُ الْمُحَابَاةِ كَالْمَوْهُوبِ فَيَبْطُلُ فِيمَا قِيمَتُهُ قَدْرُ الزَّكَاةِ مِنْ ذَلِكَ الْقَدْرِ وَيَصِحُّ فِي الْبَاقِي تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ وَشَرْحُ الرَّوْضِ وَشَرْحُ الْعُبَابِ قَالَ ع ش قَوْلُهُ وَرُجِّحَ فِي الْبَاقِي أَيْ وَيَتَعَلَّقُ حَقُّ الْمُسْتَحِقِّينَ بِمَا بَطَلَ فِيهِ التَّصَرُّفُ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَنْقَطِعُ تَعَلُّقُ الْمَالِكِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالْإِخْرَاجِ فَإِنْ دَفَعَ بَعْدَ ذَلِكَ الْوَاجِبَ لِلْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ غَيْرِ مَالِ التِّجَارَةِ تَصَرَّفَ فِي بَاقِيهِ وَإِلَّا فَلِلْإِمَامِ التَّعَلُّقُ بِمَا بَقِيَ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ الْفُقَرَاءِ. اهـ.

.باب زَكَاةِ الْفِطْرِ:

سُمِّيَتْ بِهِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَهَا بِدُخُولِهِ كَذَا قِيلَ وَإِنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى ضَعِيفٍ وَإِنَّ الْإِضَافَةَ بَيَانِيَّةٌ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ أَنَّهَا بِمَعْنَى اللَّامِ فَصَوَابُ الْعِبَارَةِ أُضِيفَتْ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ جَزْءٌ مِنْ مُوجِبِهَا الْمُرَكَّبِ الْآتِي وَيُقَالُ زَكَاةُ الْفِطْرَةِ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ بِضَمِّهَا غَرِيبٌ؛ لِأَنَّهَا تَخْرُجُ عَنْ الْفِطْرَةِ أَيْ الْخِلْقَةِ إذْ هِيَ طُهْرَةٌ لِلْبَدَنِ كَمَا يَأْتِي وَتُطْلَقُ عَلَى الْمُخْرَجِ أَيْضًا وَهِيَ مُوَلَّدَةٌ لَا عَرَبِيَّةٌ وَلَا مُعَرَّبَةٌ بَلْ هِيَ اصْطِلَاحٌ لِلْفُقَهَاءِ فَتَكُونُ حَقِيقَةً شَرْعِيَّةً كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْحَاوِي وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي الْقَامُوسِ مِنْ أَنَّهَا عَرَبِيَّةٌ فَغَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمُخْرَجَ يَوْمَ الْعِيدِ لَمْ يُعْلَمْ إلَّا مِنْ الشَّارِعِ فَأَهْلُ اللُّغَةِ يَجْهَلُونَهُ فَكَيْفَ يُنْسَبُ إلَيْهِمْ وَنَظِيرُ هَذَا أَعْنِي خُلْطَةَ الْحَقَائِقِ الشَّرْعِيَّةِ بِالْحَقَائِقِ اللُّغَوِيَّةِ مَا وَقَعَ لَهُ فِي تَفْسِيرِهِ التَّعْزِيرَ بِأَنَّهُ ضَرْبٌ دُونَ الْحَدِّ وَيَأْتِي فِي بَابِهِ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ مَعَ بَيَانِ أَنَّهُ وَقَعَ لَهُ مِنْ هَذَا الْخَلْطِ شَيْءٌ كَثِيرٌ وَكُلُّهُ غَلَطٌ يَجِبُ التَّنْبِيهُ لَهُ وَفُرِضَتْ كَرَمَضَانَ ثَانِي سِنِي الْهِجْرَةِ وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَى وُجُوبِهَا وَمُخَالَفَةَ ابْنِ اللَّبَّانِ فِيهِ غَلَطٌ صَرِيحٌ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ قَالَ وَكِيعٌ زَكَاةُ الْفِطْرِ لِشَهْرِ رَمَضَانَ كَسَجْدَةِ السَّهْوِ لِلصَّلَاةِ تَجْبُرُ نَقْصَ الصَّوْمِ كَمَا يَجْبُرُ السُّجُودُ نَقْصَ الصَّلَاةِ وَيُؤَيِّدُهُ الْخَبَرُ الصَّحِيحُ: «أَنَّهَا طُهْرَةٌ لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ» وَالْخَبَرُ الْحَسَنُ الْغَرِيبُ «شَهْرُ رَمَضَانَ مُعَلَّقٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا يُرْفَعُ إلَّا بِزَكَاةِ الْفِطْرِ» (تَجِبُ بِأَوَّلِ لَيْلَةِ الْعِيدِ) أَيْ بِإِدْرَاكِ هَذَا الْجُزْءِ مَعَ إدْرَاكِ آخِرِ جَزْءٍ مِنْ رَمَضَانَ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ فَتُخْرَجُ إلَى آخِرِهِ وَقَوْلُهُ فِيمَا بَعْدُ لَهُ تَعْجِيلُ الْفِطْرَةِ مِنْ أَوَّلِ رَمَضَانَ (فِي الْأَظْهَرِ) لِإِضَافَتِهَا فِي خَبَرِ الشَّيْخَيْنِ إلَى الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ وَهُوَ «فَرْضُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ» وَبِأَوَّلِ اللَّيْلِ خَرَجَ وَقْتُ الصَّوْمِ وَدَخَلَ وَقْتُ الْفِطْرِ، وَعَلَى فِيهِ عَلَى بَابِهَا خِلَافًا لِمَنْ أَوَّلَهَا بِعَنْ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْوُجُوبَ يُلَاقِي الْمُؤَدَّى عَنْهُ أَوَّلًا حَتَّى الْقِنَّ كَمَا يَأْتِي وَلَمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهَا طُهْرَةٌ لِلصَّائِمِ فَكَانَتْ عِنْدَ تَمَامِ صَوْمِهِ وَأَفْهَمَ الْمَتْنُ أَنَّهُ لَوْ أَدَّى فِطْرَةَ عَبْدِهِ قَبْلَ الْغُرُوبِ ثُمَّ مَاتَ الْمُخْرِجُ أَوْ بَاعَهُ قَبْلَهُ وَجَبَ الْإِخْرَاجُ عَلَى الْوَارِثِ أَوْ الْمُشْتَرِي وَإِذَا قُلْنَا بِالْأَظْهَرِ.
الشَّرْحُ:
(باب زَكَاةِ الْفِطْرِ):
(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى ضَعِيفٍ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَ هَذَا الْقَائِلِ إنَّ وُجُوبَهَا بِهِ صَادِقٌ مَعَ كَوْنِ الْوُجُوبِ بِغَيْرِهِ أَيْضًا مَعَهُ فَهُوَ لَا يُنَافِي كَوْنَ الْوُجُوبِ بِالْجُزْأَيْنِ وَقَوْلُهُ وَإِنَّ الْإِضَافَةَ بَيَانِيَّةٌ هُوَ مُسَلَّمٌ إنْ كَانَ هَذَا الْقَائِلُ صَرَّحَ بِأَنَّهَا سُمِّيَتْ بِالْفِطْرِ فَإِنْ قَالَ سُمِّيَتْ بِهِ بِالضَّمِيرِ لَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ لِجَوَازِ أَدَاءِ مَرْجِعِ الضَّمِيرِ الْمَذْكُورِ لِلَفْظِ زَكَاةِ الْفِطْرِ كَمَا أَنَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ فِي بِدُخُولِهِ لِلْفِطْرِ.
(قَوْلُهُ وَتُطْلَقُ) أَيْ الْفِطْرَةُ وَقَوْلُهُ أَيْضًا أَيْ كَمَا أُطْلِقَتْ عَلَى الْخِلْقَةِ.
(قَوْلُهُ وَهِيَ) أَيْ بِهَذَا الْمَعْنَى. اهـ.
(قَوْلُهُ وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي الْقَامُوسِ) عِبَارَتُهُ وَالْفِطْرَةُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ.
(قَوْلُهُ فَتُخْرَجُ إلَخْ) فِي إفَادَتِهِ مَا ذَكَرَ نَظَرٌ لِجَوَازِ أَنَّ الْإِخْرَاجَ عَمَّنْ مَاتَ بِمُجَرَّدِ أَنَّهُ أَدْرَكَ أَوَّلَ لَيْلَةِ الْعِيدِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ فِيمَا بَعْدُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّبَبَ الْأَوَّلَ الْجُزْءُ الْأَخِيرُ مِنْ رَمَضَانَ بَلْ يَقْتَضِي أَنَّهُ رَمَضَانُ إذْ لَوْ كَانَ الْجُزْءُ الْأَخِيرُ لَكَانَ تَقْدِيمُهَا أَوَّلَ رَمَضَانَ تَقْدِيمًا عَلَى السَّبَبَيْنِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ الْوَجْهُ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ أَنَّ السَّبَبَ الْأَوَّلَ هُوَ رَمَضَانُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا أَيْ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ كُلِّهِ وَبَعْضِهِ فَصَحَّ قَوْلُهُمْ لَهُ تَعْجِيلُ الْفِطْرَةِ مِنْ أَوَّلِ رَمَضَانَ وَقَوْلُهُمْ هُنَا مَعَ إدْرَاكِ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ رَمَضَانَ وَهَذَا فِي غَايَةِ الظُّهُورِ لَكِنَّهُ قَدْ يَشْتَبِهُ مَعَ عَدَمِ التَّأَمُّلِ.
(قَوْلُهُ حَتَّى الْقِنِّ) قَدْ يُقَالُ وَحَتَّى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَى الْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ إنَّمَا هُوَ الْوُجُوبُ الْمُسْتَقِرُّ بِخِلَافِ الْمُنْتَقِلِ لِلْغَيْرِ وَفِيهِ نَظَرٌ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ مَاتَ الْمُخْرِجُ إلَخْ) وَمَنْ مَاتَ قَبْلَ الْغُرُوبِ عَنْ رَقِيقٍ فَفِطْرَةُ رَقِيقِهِ عَلَى الْوَرَثَةِ وَلَوْ اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ التَّرِكَةَ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ فَالْفِطْرَةُ عَنْهُ وَعَنْهُمْ أَيْ الْأَرِقَّاءِ فِي التَّرِكَةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الدَّيْنِ وَالْمِيرَاثِ وَالْوَصَايَا وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ وُجُوبِ فِطْرَةِ عَبْدٍ أَوْصَى بِهِ لِغَيْرِهِ قَبْلَ وُجُوبِهَا وَجَبَتْ فِي تَرِكَتِهِ أَوْ قَبْلَ وُجُوبِهَا وَقَبِلَ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ وَلَوْ بَعْدَ وُجُوبِهَا فَالْفِطْرَةُ عَلَيْهِ وَإِنْ رَدَّهَا فَعَلَى الْوَارِثِ فَلَوْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ الْقَبُولِ وَبَعْدَ الْوُجُوبِ فَوَارِثُهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ وَيَقَعُ الْمِلْكُ لِلْمَيِّتِ وَفِطْرَتُهُ فِي التَّرِكَةِ أَوْ يُبَاعُ جَزْءٌ مِنْهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ سِوَاهُ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْوُجُوبِ أَوْ مَعَهُ فَالْفِطْرَةُ عَلَى وَرَثَتِهِ إنْ قَبِلُوا الْوَصِيَّةَ؛ لِأَنَّهُ وَقْتَ الْوُجُوبِ كَانَ فِي مِلْكِهِمْ شَرْحُ م ر وَفِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَصْلٌ لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَغَرَبَتْ الشَّمْسُ لَيْلَةَ الْفِطْرِ وَهُمَا فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ أَوْ الشَّرْطِ فَفِطْرَتُهُ عَلَى مَنْ لَهُ الْمِلْكُ بِأَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لِأَحَدِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ لَهُ الْمِلْكُ وَإِنْ قُلْنَا بِالْوَقْفِ لِلْمِلْكِ بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا فَعَلَى مَنْ يَئُولُ إلَيْهِ الْمِلْكُ فِطْرَتُهُ. اهـ.